herman

نموذج هيرمان ورباعية التفكير

كثيرا ما يشتكي المدرس من عدم انتباه الطلاب في الصف، أو حتى في طريقة تفاعلهم معه… فالبعض تراه مُجدا في دراسته، لا يفوّت تفصيلا صغيرا إلا ويكتبه في كراسته، بينما البعض الآخر يحاول كتابة بعض النقاط الرئيسية في الدرس وحسب. أما البعض الآخر فعادة ما يكون مشاغبا في الصف، يحب الحركة والفوضى، لدرجة أنه يحاول إفشال الدرس، فلا يكون من المدرس إلا أن يتجاهله أو يعاقبه بشكل مستمر.

في الحقيقة ليس السبب أن الطلاب ينقسمون إلى مجد وغير مجد في الدرس، وإنما هنالك فرق وتمايز في الشخصيات. وهذه أشياء مرتبطة بطبيعة الطالب ولا يمكنه تغييرها بشكل كامل. فقد يكون تصميم الدرس لا يناسب شخصية هذا الطالب مما يجعله غير مهتم بالمادة، كما أنه ينبغي على المدرس أن يتفهم أن ردات فعل الطلاب لن تكون واحدة، وإنما كل سيرد بحسب شخصيته.

وعليه فإن أنماط الشخصيات تعتبر أداة مهمة لدى المعلم، تساعده على فهم طلابه واحتياجاتهم، وبالتالي تصميم الدرس بما يتلاءم وهذه الاحتياجات. ومن أهم الدراسات التي جرت عن أنماط شخصيات المتعلمين نذكر نموذج هيرمان أو ما يعرف بـ “رباعية التفكير“.

 

1- تاريخ مقياس هيرمان، بوصلة التفكير

عام 1960م، اكتشف روجر سبيري أن لكل من نصفي الدماغ الأيمن والأيسر عملا خاصا به، ونال بذلك جائزة نوبل على هذا الاكتشاف. وبعد بضع سنين، جاء بول ماكلين ليوضّح أن دماغ الإنسان يتكون من ثلاثة أدمغة هي:

– الدماغ العقلي: والذي يضم التفكير والتصور والتعلم .

– دماغ الثدييات: والذي يتضمّن الشعور والمهارات اللطيفة، بالإضافة إلى الشم والتذوق والانفعال.

– دماغ الزواحف: والذي يتضمن الحاجات البيولوجية كالطعام والشراب والأمن والسلامة والجنس.

ليأتي بعد ذلك هيرمان بنموذج جديد يدمج فيه النموذجين معا. حيث دمج هيرمان نموذج سبيري ونموذج ماكلين في نموذج واحد هو نموذج هيرمان الرباعي

وهو رمزي وليس فيزيولوجيا، يتكون من أربع مناطق مترابطة:

– كل منطقـة تختـص بطريقة معينة لعمل العقل.

– المناطق الأربع تعمـل سويا لتشكل الدماغ الكلي.

– منطقة واحدة أو أكثر تكون غالبة أو مُهيمنة.

2- النمط A: الموضوعيون

حسب نموذج هيرمان ، يتميز أصحاب هذا النمط بعدة صفات:

– الاهتمام بالتفاصيل الدقيقة: نجد هذا النمط من الطلاب كثير الأسئلة، لكل تفصيل صغيرا كان أو كبيرا في الدرس. لدرجة أن المدرس قد يعتبر أنهم يحاولون إيقاع المدرس في الخطأ، مما قد يسبب التذمر لدى الكثير من المدرسين. وفي الحقيقة فإن هذا النمط يسأل لأنه لا يستطيع أن يترك أي فكرة صغيرة تمر دون تمحيصها.

– التحليل: تعتبر البيانات والإحصاءات وتحليلها حقلا مفضلا لدى أصحاب هذا النمط، وهم من ذوي اللغة الرقمية العالية، حيث يركزون على الدراسات والأبحاث دون كلل أو ملل. وبعد عملية جمع البيانات، يحاولون الوصول إلى نتيجة من خلال تحليل كافة البيانات.

– يتميز أصحاب هذا النمط بالرتابة والبرودة في التعامل، حيث يغلب عليهم الطبع الهادئ الذي لا يضحك إلا نادرا، وهم من ذوي الشخصية النمطية التقليدية، حيث يرفضون، مثلا، تقليد آخر صرعات الموضة في اللباس.

تحضير الدرس لأصحاب هذا النمط

عندما يتواجد لدى المدرس أحد من أصحاب هذا النمط، فإنه يتوجب عليه الانتباه إلى كل تفاصيل الدرس. ويفضل أن يزود الدرس ببعض الدراسات والإحصاءات التي تدعم الفكرة المطروحة في الدرس. ويجب الانتباه إلى ضرورة أن يكون الدرس متسلسلا دون أي تجاوز لأي فكرة، لأن هذا يؤدي إلى التشويش وعدم القدرة على التركيز لديهم.

كما يمكن للمدرس الاستعانة بهؤلاء الطلاب في عملية التحضير والإعداد للدرس، حيث يمكن أن يطلب منهم البحث عن بعض الدراسات الخاصة في الدرس، أو حتى كتاب بحث عن موضوع الدرس.

3- النمط B: التنفيذيون

يتميز أصحاب هذا النمط بعدة صفات:

– القدرة على تنفيذ الأعمال: حيث إنهم يملكون القدرة على تنفيذ الأعمال بدقة بالغة، ويستطيعون الاهتمام بأدق التفاصيل. يعتبر هذا النمط من أنجح الطلاب ضمن الصفوف التقليدية حيث إنهم ينجزون كافة المهام الموكلة إليهم من قبل مدرسيهم بكل فعالية.

– التنظيم وإدارة الوقت: حيث يستطيع أصحاب هذا النمط الاستفادة من الوقت المتاح،كما أن لديهم مهارة عالية في وضع خطط تساعدهم على تنفيذ أعمالهم. فعلى سبيل المثال: يقوم هؤلاء الطلاب بوضع برامج دراسية لهم قبل الامتحان تساعدهم على إتمام دراستهم دون أي تقصير يُذكر، مما يساعدهم على الحصول على علامات عالية.

– يعتبر أصحاب هذا النمط من المبدعين في الصف والمحبوبين لدى المدرسين أو حتى بين زملائهم.

تحضير الدرس لأصحاب هذا النمط

يفضل أصحاب هذا النمط مشاهدة المعلومات تنفذ بدلا من قراءتها. لذلك يتوجب على المدرس تحضير الدرس بشكل عملي قدر الإمكان. كما وأنه يمكن الاعتماد على الطلاب من هذا النمط في تحضير التجارب التي ستستعمل لاحقا في الدرس، مما يسهل على المدرس عملية التحضير.

4- النمط C: المشاعريون

يتميز أصحاب هذا النمط بعدة صفات:

– العلاقات مع الآخرين: يتميز أصحاب هذا النمط بالقدرة على إقامة علاقات مع الآخرين والتودد إليهم، مما يشعر الذين أمامهم بالراحة النفسية. كما يتمتع أصحاب هذا النمط بالقدرة على التعامل مع الآخرين وتلبية احتياجاتهم دون الحاجة إلى طلبها. الطلاب من أصحاب هذا النمط يحبون الجو اللطيف الذي يسوده المحبة، وقد يكره الطالب المادة في حال وجود شائبة تشوب العلاقة بينه وبين المدرس، والعكس بالعكس.

– الرعاية: أصحاب هذا النمط قادرون على الاعتناء بالآخرين ومدهم بالحب والحنان والعطف. لذلك فإن أصحاب هذا النمط يمكنهم العمل كمدرسي مراحل أولى, أو في دور الأيتام أو المسنين.

– العمل ضمن فريق عمل: أصحاب هذا النمط يحبون العمل مع الفريق، ويفضلون الابتعاد عن القيادة، فهم يتملكون سياسة المطاوعة وتفضيل المصلحة العامة على الاهتمامات الشخصية. هذا النمط من الطلاب يساعد المدرس عند تقسيم الطلاب إلى مجموعات حيث لا يظهرون أي رغبة بالقيادة، وهم مطاوعون يعملون مع الجميع.

– اللغة الجسدية: أكثر ما يميز أصحاب هذا النمط هو لغة الجسد، حيث تؤثر عليهم إلى حد كبير لدرجة أنهم قد يربطون الدرس كله بحركة قام بها المدرس ويحفظونها عن ظهر قلب. كما أن تغيير الطبقة الصوتية بحسب سياق الدرس يؤثر بهم لحد كبير.

تحضير الدرس لأصحاب هذا النمط

لا يتطلب أصحاب هذا النمط الكثير من المدرس، فما يؤثر فيهم هو تغيير التعابير الصوتية بين الحين والآخر، كما أن أي مشاعر إيجابية يمكن أن تساعدهم على الفهم. فعلى سبيل المثال: يمكن لنظرة ملؤها الحماس أن تشجع الطالب على فهم الدرس وتركيزه.

5- النمط D: الإبداعيون

يتميز أصحاب هذا النمط بعدة صفات:

– التفكير الإبداعي: يتميز أصحاب هذا النمط بالإبداعية في التفكير والقدرة على الابتكار. حيث أن نظرتهم للحياة شاملة ولديهم خطط استراتيجية مستقبلية. نجد أن الطلاب من أصحاب هذا النمط يقسمون الدراسة ضمن برنامج يبدأ قبل الامتحان بوقت طويل، بحيث لا يرهقون أنفسهم قبل الامتحان.

– حس المغامرة: يتميز أصحاب هذا النمط كذلك بحبهم للتصورات والاستكشافات والمغامرات. حيث أن أصحاب هذا النمط يفضلون التجديد وتجربة كل ما هو مجهول. ويترافق هذا الحس مع قدرة على اتخاذ القرارات الكبيرة بسرعة. ونجدهم يفضلون التجارب العلمية والبحثية التي تساعدهم على توسيع أفقهم وفهم المعلومات بدلا من حفظها فقط.

– أصحاب هذا النمط هم الطلاب المتميزون في كافة نواحي الحياة كالدراسة والرياضة والعلاقات الاجتماعية، وحتى في الهوايات.

تحضير الدرس لأصحاب هذا النمط

يحتاج أصحاب هذا النمط الى الكثير من التحضير من المدرس. حيث ينبغي على المدرس مراجعة آخر الأبحاث والتطورات فيما يخص كل فقرة من المنهاج. كما يمكن للمدرس أن يطلب من الطلاب مساعدته في إعداد التجارب العلمية وحتى تطبيقها أمام زملائهم. فهذا النمط من الطلاب يصلح لأن يكون مساعدا للمدرس.

الخلاصة

إن أخذ انماط شخصيات الطلاب بعين الاعتبار من قبل المدرس أثناء التحضير واثناء الدرس أمر مهم جدا، حيث إنه سيساعد على رفع نسبة التحصيل العلمي لدى الطلاب كل حسب نمط شخصيته، كما أن توقعات المدرس تجاه الطلاب يجب أن تكون مختلفة، فبعض الطلاب يركز على فهم المعلومة دون حفظها، والعكس بالعكس. والجدير بالإشارة أن كل شخص يكون لديه النواحي الأربع المذكورة، ولكن مع طغيان نمط على بقية الأنماط الأخرى.

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

خطأ: المحتوى محمي!!