يتعرض معظم الناس أثناء الزلازل والكوارث والفيضانات لأقوى أنواع الصدمات والرعب التي تترك بصماتها على مختلف نواحي الحياة، وبالطبع يكون الأطفال الفئة الأكثر تأثرًا بما يحدث، فهذه الأحداث ستعرضهم لأزمات نفسية كبيرة لذلك يجب الاعتناء والاهتمام بهم ومنحهم المزيد من الدعم النفسي والرعاية ليس من قِبل الأهل فقط بل من قِبل فرق الطوارئ والمتطوعين الموجودين في مكان الحدث.
يختلف تفاعل الأطفال مع الكوارث من طفل لآخر ولكن بالطبع لا يمكننا تجاهل تأثيره السلبي المتفاوت بين الأطفال فمعظم الأطفال يتأثرون بشكل كبير بما يرونه على التلفاز والهواتف المحمولة حيث أن عمل وسائل الإعلام في نقل الصور وإعادة نشرها عدة مرات سيسبب اضرار ويُلحق أذى بالحالة النفسية للأطفال ناهيك عن شعورهم المخيف ورعبهم أثناء الكوارث والزلازل والضرر والدمار الكبير الذي تُلحقه. فالأطفال يخلطون بين المشاهد الحقيقية ومشاهد سابقة كانوا قد رأوها على التلفزيون وهذا سيزيد من الرعب الموجود داخلهم.
في أغلب الأحيان يحتار الأهل بطريقة تعاملهم مع الأطفال أثناء الكوارث ولكن في المقال التالي سنخبركم عن طريقة تعامل الأهل مع الأطفال أثناء الكوارث.
بدايةً كيف يمكننا أن نعرف أن الأطفال تأثروا بشكل كبير بالكارثة ولماذا يتأثر الأطفال نفسيًا أكثر من غيرهم؟؟
إن الأطفال الذين تعرضوا للكوارث الطبيعية مثل الزلازل عاشوا لحظات رعب كبير وشاهدوا دمار المباني وكيف تهدمت فوق ساكنيها وشاهدوا جثث ضحايا الزلزال وربما فقدوا بعضًا من ذويهم فجميع هذه الأحداث ستؤدي إلى اهتزاز الثقة بالآخرين وتغير مزاجهم وسيشعرون بعدم الاستقرار والخوف مما يؤدي إلى حدوث اضطرابات نفسية واجتماعية وسلوكية.
ويُرجح علماء التربية وعلم النفس سبب تأثر الأطفال أكثر من غيرهم لعدم اكتمال نموهم المعرفي والجسدي والعاطفي فعندما تكون ظروف الكوارث فوق طاقة الأشخاص البالغين والرجال فهي ستكون فوق طاقة تحمّل الصغار بشكل أكبر، وطبعا الأطفال لا يستطيعون التعبير عن خوفهم وقلقهم مثل الكبار فسيعبرون بطريقة أخرى وهي عن طريق الحركة وعدم الاستقرار وهذه ستكون رسالة منه للعالم الخارجي تعبر عن خوفه وقلقه من الخطر الذي يحيط به.
ما الانعكاسات الاجتماعية والنفسية على شخصية الأطفال؟
يتعرض أغلب الأطفال في ظروف الزلازل والكوارث لصدمات نفسية فيحدث لديهم اضطرابات نفسية عديدة مثل الاكتئاب والقلق واضطرابات تقلب المزاج. وسنعرض لكم في هذا المقال بعض الاضطرابات التي تحدث للأطفال أثناء الكوارث:
أولًا اضطرابات النوم:
وتكون هذه الاضطرابات على شكل فزع ليلي ويتصف هذا السلوك بالاستثارة ويحدث ضمن الثلث الأول من الليل حيث يستيقظ الطفل وهو يصرخ ويبكي مع مظاهر سلوكية قلقة وخوف شديد مع وجود سرعة في دقات القلب والتشبث بالأب أو الأم وارتجاف في الأطراف وتصبب العرق وجحوظ العينين وعدم استجابة الطفل لمحاولات الآخرين في تهدئته.
ثانيًا الاكتئاب:
تحصل صدمات للأطفال نتيجة مشاهدتهم أحداث الدمار والموت وسماعهم لأصوات الصراخ فجميع هذه الأحداث ستُسبب لهم صدمة قد لا تتضح آثارها وقت الصدمة ونجدها على المدى البعيد مثل الاكتئاب والانطواء والوحدة.
وحتى تستطيع تشخيص الاكتئاب يجب أن تتواجد بعض الأعراض النفسية التي تظهر على الطفل خلال أسبوعين من تعرضه للحدث وستحدث هذه الأعراض تغيرًا واضحًا في أغلب وظائفه الحيوية ومنها:
- فقدان الشهية ونقص الوزن.
- مزاج معكر فيكون في أغلب الوقت مترددًا وحزينًا وتائهًا ويشعر بالفراغ.
- فقدان الاهتمام بكافة النشاطات والابتعاد عنها وإهمال النظافة والابتعاد عن اللعب مع أصدقائه.
- وجود أرق في النوم أو نوم زائد.
- فقدان الثقة بالآخرين وقلة التواصل معهم.
- قلة الحركة أو حركة زائدة.
- أفكار مستمرة بالخوف من الموت.
- فقدان القدرة على التركيز.
ثالثًا القلق:
يُعد القلق النفسي المشكلة الأكثر شيوعًا ويُعرف بأنه حالة من التوتر المصحوب بالخوف وتوقع الخطر المستمر وأهم أعراضه:
- عدم القدرة على التركيز.
- زيادة الحركة بشكل مستمر عند الأطفال.
- الابتعاد عن الأكل أو الأكل الشديد.
- سرعة البكاء وزيادة الحساسية.
- سرعة الغضب.
- صعوبة النوم ووجود كوابيس أثناء النوم.
وينعكس القلق أيضًا بآثار سلوكية منها:
- قضم الأظافر وهي ظاهرة نجدها كثيرًا.
- زيادة الحركة مثل تنقل الطفل من مكان لآخر وعدم استقراره في مكان واحد.
- التمرد المستمر حيثُ يُصر الطفل على أن ينفذ ما يريد ويخرج عن تعليمات الكبار.
ما الانعكاسات المعرفية للكوارث والزلازل على شخصية الطفل؟
من أهم الانعكاسات المعرفية إصابة الطفل بالتشتت وقلة الانتباه وعدم التركيز وكل هذه الأعراض تحدث نتيجة فقدان عنصر الأمان وذلك من خلال صعوبة وخطورة الأحداث التي مر بها الطفل كـ ـمشاهدة مناظر مثيرة وصادمة مثل:
- النسيان والشعور بعدم القدرة على استرجاع المعلومات.
- الشرود المستمر.
- عدم القدرة على التركيز والتفكير بموضوع واحد.
ما الانعكاسات السلوكية للكوارث على الأطفال؟
إن تعرض الطفل للصدمات ومشاهدته للكوارث سيولد لديه الإحباط ويشعره بالتوتر المستمر وبالتالي سينعكس على سلوكه وبالتالي سيمارس بعض السلوكيات التراجعية مثل التبول اللاإرادي ليلًا أثناء اليوم ضمن عمر يزيد على خمس سنوات للإناث وست سنوات للذكور ومص الإصبع فتراه يضع إصبعه في فمه بحركة مستمرة ولفترة مؤقتة فهذه الحركة ستجعله يشعر بالمتعة والراحة والدفء والشبع وسيشعر بالسعادة.
طرق التعامل مع الأطفال أثناء الكوارث والزلازل
-
- عليك أن تبقى قريبًا من الطفل في ظل الكارثة وما بعدها ولا تتركه بمفرده مطلقًا.
- احرص على منح الطفل الاحترام والحب والحنان دائمُا مهما كانت الظروف والضغوط.
- حاول أن تدرك انفعال طفلك أثناء الكوارث وتحلى بالصبر واضبط نفسك تجاه تصرفاته.
- لا تتجاهل أسئلتهم بل تحدث لأطفالك عما يحدث وقدم لهم المعلومات بشكل واضح وبسيط وقم بإيصال الحقائق لهم بشكل واقعي.
- قم بالمحاولة بإشغال الطفل باللعب والحكايات والقصص.
- تجنب مشاهدة التقارير الإعلامية مع الأطفال لتجنب إشعارهم بالقلق.
- حاول أن تأمن المكان وبالأخص ليلًا قم بإضاءة نورًا خافتًا للطفل يساعده على رؤية الأشخاص حوله لتشعره بالأمان.
- قم بالابتعاد عن إلقاء تعليمات للطفل مثل لا تلعب في مكان الحدث، لا تقترب من التجريف، لا تنظر من النافذة”، فهذه التعليمات ستزيد من قلق الأطفال وخوفهم وبالتالي سينعكس سلبًا على شخصيتهم.
- قم بالاستمرار في الروتين الحياتي المألوف قدر المستطاع ليعلم الأطفال أن الحياة مستمرة مهما حدث.
- أجب الأطفال على اسئلتهم مهما تكررت فتكرار الأسئلة عن الزلزال أو الكارثة أمر طبيعي ويدل على خوف الأطفال وعند طلبهم المزيد من المعلومات فذلك كونهم يرغبون في الحصول على معلومات تطمئنهم.
- شرح كيف وقعت الكارثة حيث أن فهم الحقيقة سيساعدهم على تقبل الأحداث بشكل طبيعي ويساعدهم على التعافي من آثار الزلزال النفسية.
- قم بتشجيعهم على مواصلة الأعمال الاعتيادية اليومية وإن لم يتمكنوا من ممارستها أخلق لهم البدائل لتشعرهم بأن الحياة ما زالت مستمرة.
- قم بتوجيه انتباه الطفل الخائف إلى الأطفال الآخرين الذين يتعاملون مع أحداث الصدمة دون خوف، من خلال سرد قصص عن الأطفال في أوضاع متشابهة وكيف تم التغلب على خوفهم.
- قم بتشجيع الأطفال على التعبير عن مشاعرهم من خلال الكلمات أو ما يسمى اللعب العلاجي ويكون ذلك من خلال إشراك الطفل بأنشطة بدنية وورشات رسم وتلوين وأشغال يدوية ويكون هذا من أجل تخفيف التوتر والضغط النفسي، والرسم يساعد على تخفيف الإحباط الذي يواجه الطفل.
- السماح للأطفال بمساعدة المحتاجين بعد الزلزال وتكليفهم بأعمال صغيرة وبسيطة فهذه الطريقة ستساعدهم على فهم ما حدث وإعطائهم كفاءة وثقة بالنفس.
- قم بتجاهل السلوكيات السلبية في هذه الفترة وعدم إثارة الضجة نحوها مثل مص الإصبع والتبول اللاإرادي.
- قم بوضع خطة طوارئ مع أطفالك وحاول تنفيذها معهم دون أن تشعرهم بحالة من الهلع واحرص على تدريبهم على الالتزام بالهدوء والتصرف بحكمة ونظام لحين زوال الخطر.
- تأكد من أن أطفالك يعرفون أرقام الاتصال في حالات الطوارئ وأن لديهم وسيلة للوصول إليك.
- قم بتعليم أطفالك قواعد السلامة الأساسية مثل “الاستلقاء أو النزول على الأرض وتغطية الرأس باليدين وحماية الجسم تحت منضدة أو كرسي والانتظار لحين وصول المساعدة أو زوال الخطر” أثناء الزلازل.
- طمئن طفلك من خلال إخبارهم بطرق حماية نفسهم في حال تكرار الكارثة لا سمح الله وأخبرهم عن دور الشرطة وفرق الإسعاف في عملية الإنقاذ عند حدوث الكوارث.
- قم بتزويد أطفالك بالمعلومات الأساسية الدقيقة التي يحتاجونها ولكن احرص على تجنب التفاصيل التي من الممكن أن تكون مزعجة للأطفال ومخيفة.
- قم بمراقبة سلوكيات أطفالك جيدًا إن كانوا ضحية لكارثة طبيعية فإن تعرض طفلك لنوبات بكاء غير مبررة أو أرق متكرر أو ذعر وخوف يعجز عن التعبير عنها بالكلمات أو مص الإصبع باستمرار أو التبول اللاإرادي أو الكوابيس المتكررة أو الجري بلا هدف فهذا يدل على أن طفلك تعرض لصدمة نفسية عنيفة تحتاج لمساعدة المختصين.